درب الطبيب بتازا العليا
هو أحمد بن شعيب الجزنائي الشاعر الفحل نزيل فاس، ويدل نسب هذا الشاعر على أنه من جزناية القبيلة الموجودة شمال مدينة تازا، كما انتسب إليها أبو الحسن علي الجزنائي مؤلف كتاب "جنى زهرة الآس في بناء مدينة فاس" والذي كان بقيد الحياة سنة : 766هـ ويضاف إليهما الفقيه المشارك المفتي عمر بن عبد الرحمان الجزنائي نزيل فاس والذي كان حيا سنة: 911هـ.
قال في حقه أبو الوليد ابن الأحمر الكاتب الشاعر المؤرخ الذي عاش حياته العلمية والأدبية في فاس أيام بني مرين في كتابه "نثير فرائد الجمان في نظم فحول الزمان" .. "ومدينة تازا مسقط رأسه ومتوقد نبراسه، وطرا على فاس فحمدت مسراه... إلخ"
وقال ابن خلدون عنه في تاريخه: "برع في الأدب واللسان والعلوم العقلية، وكان له شعر سابق به الفحول من المتقدمين والمتأخرين...... ثم قال "وقد نظمه أبو سعيد المريني في سلك الكتاب المهرة، وكان يقدم إليه الشيء الكثير تقديرا لما كان يقدمه من خدمات أدبية وطبية، فكان كاتبه وطبيبة كما اتخذه أبو الحسن المريني كاتبا في ديوان إنشائه وطبيب بلاطه" وقد اشتهر بالشعر أكثر من اشتهاره بالطب".
وفاته :
يقول الأستاذ الباحث المرحوم السيد محمد المنوني في كتابه "ورقات عن الحضارة المغربية في عصر بني مرين" ص 324، باختصار: "من المعروف أن أبا الحسن المريني قام بحملة وحدوية قصدا لتوحيد تونس مع المغربين الأوسط والأقصى وقد اصطحب العاهل المريني بهذه المناسبة مجموعة ضخمة من أعلام المغربين".
ولم يعتن المؤرخون باستيعاب أسماء هذه الهيئة العلمية، ونعرض هنا أسماء المعروفين من أهل المغرب الأقصى حيث لا يتجاوز عددهم خمسة أعلام، موزعين بين أربع جهات مغربية: فمن مدينة سبتة عبد المهيمن الحضرمي، ومن مكناس محمد بن الصباغ الخزرجي، ومن فاس محمد بن علي بن سليمان السطي، وأحمد بن محمد بن علي الزروالي الأصل، ومن تازا، أحمد بن شعيب الجزنائي، ثم قال وقد قضى الله تعالى أن غرقت جميع أساطيله التي كانت تقارب الستمائة من السفن، ونجا السلطان على لوح من ألواح السفن المتكسرة، وغرق من كان معه من أعلام المغرب نحو أربعمائة عالم كان أبو الحسن لا يستغني عنهم فكانت خسارة علمية لم تعوض، وكان من جملة الغرقى في ذلك الشاطئ التونسي أحمد بن شعيب الجزائي سنة 749هـ وقيل 750هـ".
وإلى هذه الحادثة يشير المرحوم أبو بكر البوخصيبي في قصيدته "على لسان رباط تازا" حيث يقول:
قولي لتونس ردي ما أخــــــذت فلي
في قعر بحــرك أبطال وفرســــــــان
غرقــى هناك ولكني أحن لهـــــــــم
وكيف لا وهــم للعلم أركـــــــــــــان
كم فاخرت بهم فاس وإخوتــــــــها
وهم بفاس يواقيت ومرجـــــــــــان
كانت بهم حلقات الدرس من قـدم
تسمو وكان لها من ذكرهم شــان
أين الطبيب شعيب ضاع وا أسفــي
أن ضاع من شعره الرقراق ألـــــوان
والعالم الماجد السطى بجانبـــــــه
كأنه وهو في المحراب إيمــــان(1)
شيخ ابن خلدون يكفينا ونحن لـــــنا
مع ابن خلــــدون آثـــــــار وبنيــــــان
(1)يشير الشاعر بقوله: "والعالم الماجد السطى بجانبه إلى الفقيه المفتي محمد بن سليمان السطى الأوربي نسبة إلى أورية. وهي قبيلة بالبرانس بنواحي تازا، كان حظي المكان عند أبي الحسن المريني والمدرب في حضرته والمفتي في بعض الأوقات، وقد اصطحبه العاهل المريني مع جماعة من العلماء حين سفره لتونس وقد مات غريقا مع من غرق من اكابر العلماء في ثامن ذي القعدة عام: 749 هـ وقيل 750هـ.