الأستاذ لكبير الحراق:

نريد أن نجعل من الإطار الجمعوي مؤسسة مواطنة، تعمل على ترسيخ مبادئ التربية الصالحة، وتحارب الفساد أيا كان نوعه، وتنخرط في مشروع عاهل البلاد الحداثي، والذي جعل من التنمية البشرية أولى الأولويات ..

 -------

 

-1- انطلق ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية في مجمله من السياحة كمدخل للتنمية، و قد سبق أن شهدت تازة مهرجانات راهنت على نفس الشعار ولم تفلح، ما هو الجديد أو الإضافة التي جاءت بها الشبكة؟

-ج- ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية ليس هدفا في حد ذاته، بل وسيلة من بين وسائل أخرى لبلوغ الإقلاع التنموي الذي نريده للإقليم و لساكنته. الفكرة ليست وليدة اللحظة إنما هي نتيجة لتفكير عميق شارك الإخوة والأخوات أعضاء الشبكة بما لديهم من تراكمات و تجارب ميدانية و انطلاقا مما يحملونه من هموم "جماعية" . إننا نريد التأسيس للقاء سنوي سميناه ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية، يجمع جميع المعنيين بالتنمية المحلية من أجهزة حكومية و مجالس منتخبة و مجتمع مدني و شركاء دوليين لدراسة التنمية المحلية بالإقليم.

الهدف بطبيعة الحال هو توحيد الرؤى وتوسيع دائرة التشاور و الأكثر من هذا و ذاك تفعيل المقاربة التشاركية في التخطيط لمستقبل المنطقة. المجتمع الجمعياتي بتازة لازال يتأرجح ما بين المناسباتية من جهة و الارتجالية من جهة ثانية باستثناء بعض التجارب الجادة التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد .. لا أتكلم عن بعض الأشكال الجمعوية الهجينة - الطفيلية - التي وجدت لخدمة بعض الأجندات المشبوهة، فهذه لا تعتبر تنظيمات تمثل المجتمع المدني المحلي... فالملتقى إذن كان محاولة للخروج من دائرة الهواية الجمعواتية" إلى مجتمع جمعياتي محلي صاحب قوة إقتراحية ومساهمة فعلية في التنمية الشاملة.

أكيد أننا عندما نتكلم عن التنمية و التنمية المحلية بالأخص فإننا نفكر بشكل آلي كيف نساهم في خلق نواة قادرة على القضاء على الفقر و نضع نصب أعيننا تنمية العنصر البشري التازي عبر الاشتغال على التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و التفكير في الأجيال القادمة عبر الاعتناء بالبيئة دون نسيان الثقافة و الرياضة لأن التنمية المحلية هي جزء لا يتجزأ. ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية سيناقش كل سنة موضوعا مرتبطا بالتنمية من منطلق تدعيم ما هو قائم التخطيط لما هو غير متوفر و هذا بطبيعة الحال في إطار تعزيز دور النسيج الجمعوي المحلي و خلق التكامل الذي من المفروض أن يكون حاصلا بين القطاع الحكومي و المجتمع المدني... جوابا على سؤالكم ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية اتخذ من السياحة و علاقتها بالتنمية المحلية موضوع الدورة الأولى السياحة بتازة تكاد تكون منعدمة بنوعيها الداخلية و الخارجية، رغم وجود إمكانيات طبيعية و ثقافية مهمة.. أكيد أن البنية التحتية ضعيفة و أن الاهتمام بهذا القطاع على مستوى الإقليم لازال خجولا.. هذا من ناحية تشخيص الواقع، أما ماذا نضيف نحن كاتحاد لجمعيات محلية غيورة على الإقليم؟ فأؤكد لكم أنه إن لم تكن لنا إضافة نوعية للمشهد التنموي المحلي فلا رغبة لنا في إقامة أي نشاط نعم هناك مهرجانات و لقاءات تتخذ السياحة شعارا لها، لكن نحن في شبكة تازة التنموية لا نعتزم تنظيم المهرجانات و لا السهرات و لسنا من الذين يدعون امتلاك الأجوبة، أو أننا لوحدنا سنحل مشاكل الإقليم، أو ندعي أننا الوحيدون الذين يفكرون في مستقبل الإقليم، بل نحن حينما أردنا تنظيم مثل هذا الملتقى، أردنا طرح إشكالية تنمية السياحة كقطاع منتج يمكن له أن يلعب دور قاطرة التنمية بالإقليم.

أردنا أن يجتمع القطاع الحكومي والمجالس المنتخبة و القطاع الجمعوي إضافة إلى مختلف الشركاء حول طاولة واحدة و حول موضوع واحد ألا وهو: "كيف نحقق إقلاعا حقيقيا للسياحة بتازة ؟" نحن لم ننظم مهرجانا أو ملتقى لكي ننفق الميزانيات، بل الملتقى كان محطة تفكير و تشاور و دراسة و كان كذلك محطة لتبادل التجارب.... أردنا جلب الاستثمار للإقليم، أردنا خلق إشعاع حول تازة انطلاقا من التعريف بها وطنيا و دوليا و إظهار إمكاناتها السياحية، أردنا المساهمة في عقد شراكات لفائدة النسيج التنموي المحلي حتى تستفيد تازة من دعم وخبرات الآخرين... كلمة السر في فلسفتنا الداخلية هي ممارسة شفافة و بأقل تكلفة نحقق نتائج ملموسة حتى نعطي مثالا آخر للممارسة الجمعوية المسؤولة و الهادفة.

 

2 من المعلوم أن مفاتيح السياحة بالإقليم في أياد تمتلك السلطة والمال، ولم تبد أية رغبة فعلية لأجرأة التوجهات والخطابات، في نظرك ما السبب في ذلك؟

-ج- أرى أن ظروف الاستثمار المثمر غير مهيأة بإقليم تازة ، والسياحة على وجه الخصوص غائبة أو مغيبة عن برامج وتخطيطات التنمية.. الواقع المر هو أن الإقليم يكاد يكون نكرة عند عموم المغاربة، وأغلب المواطنين بشمال وغرب المملكة يعرفون أكثر محطة وادي أمليل أو جرسيف.. هذا في الوقت الذي نجد أطرا عليا وطاقات بشرية هائلة تربت و درست وتلقت أبجدياتها الأولى بهذا الإقليم العزيز.

أظن أن أهم شروط الاستثمار في الميدان السياحي توفر بنية تحتية سليمة وملائمة، ومساطر إدارية مرنة غير معقدة ، الشيء الذي عجزت عن تحقيقه كل المجالس المنتخبة خلا 56 سنة الماضية.. ناهيك عن وجود لوبي سياحي يحصر هذا النشاط عند باب الفتوح بفاس، وإلا ما تفسير إقفال مندوبية لوزارة السياحة بالإقليم منذ سنة 1982؟


-3- إذا كان قطاع الثقافة - وهو القطاع الأساسي الذي يراهن عليه المواطن في ترويج المنتـــــــوج السياحي - شبه مشلول، كيف يمكن لمجتمع مدني تطوعي ومحدود الإمكانيات أن يحرك هذا الملف الضخم؟

-ج- أستاذي العزيز، الأساس في الأمر أن نكون - نحن نشطاء جمعيات المجتمع المدني واعون بالمسئولية، ومدركون لمحدودية تدخلاتنا، وأيضا للإطار الذي نتحرك فيه. وجودنا لم يأت لتعويض دور المؤسسات الحكومية والمجالس المنتخبة ، وحتى إن أردنا فليست لنا تلك الإمكانيات.

يجب أن نراهن - كمجتمع مدني مشبع بقيم الوطنية والمواطنة الصالحة - على قوتنا الاقتراحية، وعلى القدرة التعبوية الواسعة التي لنا، لكي نناضل من أجل غد أكثر نماء، وأكثر تحسنا لمستوى عيش يجب أن تتضافر جهود كل المتدخلين من أجل النهوض بالتنمية في هذا الإقليم العزيز، وأساس كل تنمية المواطنين هو الشأن الثقافي.


-4- غالبا ما تكون علاقة الجمعيات بالجهات الداعمة محكومة بمنطق الولاءات والهواجس المريبة، ما هي حدود شبكة تازة التنموية مع هذه الجهات ؟

-ج- إن أهم تحد يواجهه كل إطار جمعوي هو الاستقلالية، الإستقلالية عن كل إطار سياسي وإن كانت الممارسة السياسية مطلوبة ومرغوبا فيها، لكن العيب هو أن تتحول الجمعية إلى إطار تصرف فيه مواقف مكانها الطبيعي الحزب السياسي.

يجب أن تكون الجمعية مستقلة عن كل ماهو ممول ومدعم، ويجب أن تتمتع باستقلالية التسير والتدبير .. نحن في شبكة تازة التنموية نحاول جاهدين الحفاظ على استقلاليتنا، مع العلم أن ضريبة الاستقلالية كبيرة في واقع كالذي تعيشه تازة، وخير مثال قصة خروج مجلس مدينة تازة من دعم ملتقى تازة الدولي للتمنية المحلية، فمرة قيل لنا من طرف رئاسة المجلس الموقر إن السياحة موضوع متجاوز، وأنه علينا تغيير موضوع الدورة الأولى، وفي محطة أخرى أرسل إلينا من يقول لنا إن نجاح الملتقى مرتبط بالشراكة مع جهاز جمعوي محسوب على المجلس، ومرة ثالثة قيل : لا دعم لنا، لأننا ناقشنا موضوع الملتقى مع شخصية تازية تسكن بالرباط وهي على خلاف مع سيادة الرئيس.... من طبيعة أية شبكة جمعوية أن تضم في طياتها جميع الحساسيات السياسية ، ومن تم شبكة تازة التنموية لا ولن تكون إلا مستقلة على الحياد في كل منافسة، إلا على الفساد واستغلال النفوذ فهي لن تقف متفرجة.


-5- هناك سمة مشينة ومرضية ابتليت بها مدينة تازة وازدادت حدتها في السنوات الأخيرة، هي قرصنة المشاريع والسطو على جهود الغير، وقد تدوول في الوسط التازي أنكم في شبكة تازة التنموية - كنتم ضحية لعملية سطو كبيرة وحقيرة واحترافية ، كيف ؟ وماهي الجهة المقرصنة؟

- ج- غريب أمر تازة.... الحكاية كلها أننا حين نطرق باب مؤسسة كمؤسسة المجلس البلدي لتازة، وحين نضع مشروعا أو فكرة رهن هذا المجلس، أو نناقش معه موضوعا ما، فإننا ننتظر تعاملاً حضاريا، يكون حده الأدنى الجواب المكتوب على رسالة مكتوبة ، والائتمان على مضوع المراسلة. لقد تفاجئنا من طرف رئيس جمعية في نفس الوقت مستشار جماعي يعلن أمام عامل الإقليم خلال أمسية للمديح والسماع، بمناسبة عيد المولد النبوي الأخير، عن عزم جمعيته تنظيم ملتقى تازة للتنمية المحلية، وموضوعه السياحة ، تماما كما كان مقررا داخل إطارنا الشبكي كانت المرة الأولى التي أرى فيها عملية قرصنة لمشروع جمعوي. . تأسفنا للحدث ولم نشأ أن نعطي للأمر أهمية كبرى إيمانا منا بأن الذي يلد ويربي وينمي ليس كالذي يأخذ الجاهز.


-6- خرج ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية في ظروف مخاض عسيرة ، والكل أجمع على نجاحه، ماذا يعني لكم ذلك؟

-ج- أخي الكريم نظرا للظروف الصعبة ، ولعمليات الزعزعة المتكررة، والاستهداف المباشر الذي عانيناه إبان مرحلة التحضير ، فإن مجرد تنظيم النسخة الأولى من ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية، هو في حد ذاته نجاح، نحمد الله أن جل المشاركين أجمعوا على نجاح المهمة، وأن الأصداء التي وصلتنا من عقلاء تازة هي أصداء مشجعة.

نجاح الملتقى هو نجاح للإرادة القوية... تتويج لحسن النية والصدق في الأهداف والنزاهة في الوسائل. نحن في شبكة تازة أناس بسطاء بطموحات كبيرة ... لا ندعي المعرفة ولا امتلاك الحلول.. قوتنا في بساطتنا، وفي حسن نوايانا وفي تضامننا .. أكيد أن هذا لن يرضي من اعتادوا الصيد في الماء العكر ، وأصحاب البطون الكبيرة، بطون الفساد ، وسيحاولون كما سبق إقبار مشروعنا التنموي التنويري ، لكن قافلتنا تسير ، ونترك لهم النباح.

في هذا الصدد ونحن نتحدث عن ملتقى تازة الدولي للتنمية المحلية - التمس منك أخي العزيز أن تترك لي مساحة أتقدم فيها - باسم كل أعضاء شبكة تازة -التنموية بجزيل الشكر إلى كل من ساعد وساهم في إنجاح الدورة الأولى من الملتقى، خاصة عمالة إقليم تازة، مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات، غرفة الصناعة والتجارة والخدمات لتازة وتاونات غرفة الفلاحة الوكالة الحضرية لتازة المندوبية السامية للمياه والغابات المركز التربوي الجهوي الجماعة الحضرية لوادي أمليل ، الجماعة الحضرية -لجرسيف وكالة التنمية الاجتماعية ، المديرية الجهوية لوزارة الثقافة لجهة تازة الحسيمة تاونات الجماعة الحضرية لأكنول - المندوبية الجهوية للسياحة بفاس - النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية دار الفتاة جمعية التحدي للأشخاص المعاقين وكل المناضلين في إطارنا الشبكي وكذا الفاعلين والمثقفين الشرفاء.


-7- البعض فسر غياب الجماعة الحضرية عن الملتقى ولو بالحضور الرمزي، بالخوف من حرج المساءلة وتحميلها المسؤولية عن الوضع المزري الذي تعرفه المدينة على مختلف المستويات، ما تعليقك؟

-ج- أظن أن الجماعة الحضرية في الوقت الراهن تحكمها المزاجية والشخصانية وهي بعيدة كل البعد عن روح ميثاق الجماعات المحلية.. الكل يعرف كيف تدبر شؤون العباد بهذه المدينة المناضلة، ولا حاجة للتذكير بذلك، لكن أتساءل هل من مخلص ومنقذ للمدينة وأهلها من فترة الفراغ والتيه التي تعيشها؟ مجتمع مدني جاد ومسؤول ، ومجلس حضري في حالة شرود وركود وشبهات بإجماع المهتمين والمتتبعين أليس من حسن حظ شبكة تازة التنموية غياب دعم هذا المجلس؟ -ج- بصراحة، في ظل ما يعيشه المجلس من فراغ ومن صراع ما بين مختلف مكوناته، ومن تبعات المحاكمات إياها، أحمد الله أن المجلس قد ابتعد عن أشغال منتدانا التنموي، وإن كنا نؤمن ألا تنمية إلا بوجود المجلس المنتخب ، لكن الأولوية للمصداقية والشرعية. وبالمناسبة أغتنم هذه الفسحة كي أشكر قلة محترمة من المنتخبات والمنتخبين الذين حضروا وشاركوا وباركوا.


-9- جل التظاهرات غالبا ما تنتج عنها أسئلة وتنتشر إشاعات خاصة فيما يتعلق بالجانب المادي ومصادر الدعم، حبذا لو حدثنا عن الجهات التي دعمت الملتقى، وكم بلغت الكلفة الإجمالية؟

-ج- شعار شبكة تازة التنموية التكامل والتضامن والشفافية الشفافية تقتضي منا أن نقدم للرأي العام كل المعطيات والمعلومات عما نقوم به داخل إطارنا الفتي الإخوة في الشبكة منكبون على إعداد تقرير تفصيلي لأشغال الملتقى حتى نفيد كل شركائنا في الحقل عن مالية الملتقى ، فنحن لحدود الساعة لم نتلق أي دعم مادي، اللهم قرار مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات منحنا 100000 درهم ، لم نتوصل بها بعد. كل ما صرف لحد الآن هو إما دين لفائدة بعض الجمعيات المنضوية في الشبكة أو مساهمة من بعض أعضائها. مجموع مصاريف الملتقى لا يتعدى 11 مليون سنتيم، هذا مع احتساب مجموع مصاريف التنقلات المكوكية ما بين تاوة والرباط ، وبين تازة والحسيمة ابتداء من أبريل وحتى 23 يوليوز نهاية أشغال الملتقى.


- 10 - رسالتك للجمعيات داخل إقليم تازة؟

-ج- للجمعيات بإقليم تازة أقول:

شبكة تازة التنموية تفتح أذرعها لكل الإطارات الجادة ، من أجل التعاون والتشارك لخدمة التنمية بالإقليم، وفقط التنمية، وذلك وفق منهجية تنظيمية مرنة قابلة للملائمة مع خصوصيات واقعــنــا الجمعوي المحلي، وبأهداف واضحة

طموحة، نعم، جد طموحة لكنها واقعية ومشروعة. نريد أن نجعل من الإطار الجمعوي مؤسسة مواطنة تعمل على ترسيخ مبادئ التربية الصالحة، وتحارب الفساد أيا كان نوعه، وتنخرط في مشروع عاهل البلاد الحداثي، والذي جعل من التنمية البشرية أولى الأولويات.


- 11 - كلمة أخيرة؟

-ج- أشكر موقع MOSTAZA على استضافته لي، وأشكرك أخي عبد الحق على صبرك وعنايتك. إنه يحز في نفسي أن تستعمل بعض خفافيش الظلام أساليبها القذرة لتلطيخ سمعة كل عمل جاد، فهم لا يقبلون إلا من كان على شاكلتهم.

طريق النضال صعب، ونحن مدركون لذلك ، ولن تزعزعنا الأكاذيب والإشاعات... تازة لأبنائها البررة.